top of page

الشراكة العقارية الخفية

في سوق العقارات الكويتي، اعتاد العديد من المستثمرين على ترتيب يبدو بسيطًا ولكنه معقد قانونيًا: يقوم مجموعة من الأفراد بتجميع أموالهم لشراء عقار — سواء للاستثمار أو التطوير أو التأجير — ويتم تسجيل العقار باسم أحدهم أو باسم شركتهم، بينما يحتفظ الآخرون بحقوقهم "باتفاق فقط". لا توجد مستندات رسمية، ولا عقود قانونية، فقط وعود، أوراق داخلية، وأحيانًا رسائل متبادلة عبر تطبيقات الهاتف.

هذا النموذج، المعروف قانونيًا باسم الشراكة الخفية (أو الشراكة بالاتفاق)، أصبح شائعًا في محافظ العقارات والصناديق غير المرخصة، خاصة خلال طفرة العقارات الأخيرة قبل الانكماش. الجميع أراد دخول السوق، والاستفادة من الارتفاع السريع في الأسعار، و"المشاركة" دون "الظهور". والنتيجة كانت تسجيل العقارات باسم ظاهر زائف، بينما يتم تمويلها وإدارتها من قبل الشركاء الخفيين، بعضهم لا يملك أي ارتباط رسمي بالصفقة.

لكن كما هو الحال دائمًا، يكشف الانكماش الحقيقة.

عندما بدأت الأسعار في الانخفاض، وبدأت بعض المحافظ تفكر في استراتيجيات الخروج، ظهرت المشكلة الكبرى: من هو المالك؟ من يقرر البيع؟ من يتحمل المسؤولية؟ وكيف يتم توزيع الأرباح؟ هنا يواجه الشركاء الخفيون واقعًا مريرًا: القانون لا يحمي من لا تثبت حقوقهم رسميًا.

في الفقه والقضاء الكويتي، لا تُعتبر الشراكة الصامتة في العقارات شكلًا من أشكال الملكية المشتركة الظاهرة، بل شراكة مخفية غير مرئية للغير — إلا إذا تم تسجيلها أو الإعلان عنها رسميًا. من حيث المبدأ، لا يُشترط وجود صك رسمي لإثبات الشراكة أو المساهمات؛ فالعلاقات بين الشركاء يمكن إثباتها بجميع وسائل الإثبات — بما في ذلك الشهادات والأدلة الظرفية — إلا إذا نص نص قانوني محدد على خلاف ذلك.

ومع ذلك، تظهر المشكلة عندما تنشأ نزاعات أو يرغب أحد الشركاء في التصرف بالعقار، أو طلب التقسيم، أو الانسحاب. في هذه الحالة، تتصادم حقوق الشركاء المخفيين مع مبدأ أن "التصرفات العقارية لا تثبت للغير إلا بعد التسجيل"، وفقًا لأحكام قانون تسجيل العقارات. ونتيجة لذلك، لا يمكن لمن لم تُسجل أسماؤهم أن تُعترف ملكيتهم للغير، ولا يمكنهم اللجوء إلى القضاء بشأن التصرف أو البيع أو التقسيم إلا بعد إثبات وجود شراكة حقيقية بوثائق صالحة.

رغم بعض المرونة، لا تتساهل المحاكم الكويتية في متطلبات الإثبات فيما يخص العقارات، نظرًا لأهمية الاستقرار الاجتماعي والمالي. فقبول الأدلة غير الرسمية قد يفتح الباب للنزاعات بدلًا من حلها.

بل هناك من يظن أن مجرد رفع دعوى يتيح لهم طلب بيع العقار بالمزاد وفق "فقه البيع". إلا أن الواقع مختلف؛ فهذه ليست حالة ملكية مشتركة ظاهرية، بل "ملكية اسمية مع مصالح داخلية متضاربة"، تتطلب إثبات الحق أولًا، ثم طبيعة العلاقة، وأخيرًا المشاركة في التكاليف والمخاطر — وكل ذلك بدون وثائق رسمية — في بيئة قانونية لا تميل إلى الإثبات غير الرسمي في الأمور العقارية.

كما كشف التراجع عن خلل في ثقافة المستثمر العقاري: تجاهل التوثيق لصالح السرعة، والثقة الشخصية، أو الرغبة في تجنب التسجيل — سواء لأسباب تتعلق بضوابط التمويل أو لتجنب قيود "تافيل". وعندما تُسجل العقارات بأسماء لا تعكس الملكية الحقيقية، تكون النتيجة خسارة مزدوجة: شريك غير قادر على التصرف بالعقار، وآخر غير قادر على التخلص منه.

الحل لا يكمن فقط في تعديل القانون، بل أيضًا في تعزيز ثقافة التوثيق الصحيح، وتطوير أدوات قانونية مرنة مثل عقود شراكة عقارية رسمية، وسجلات أراضي موازية تحمي الحقوق دون الكشف عن تفاصيل الشراكة علنًا. علاوة على ذلك، يجب إعادة النظر في مفهوم الشراكة العقارية الخفية ضمن القانون الكويتي، باعتباره نموذج استثماري شائع يفتقر حاليًا للحماية التنظيمية.

يجب ألا يعتمد الاستثمار العقاري على الثقة فقط، بل على الشفافية، والتوثيق الصحيح، وحسن النية المترجمة في بنود عقدية واضحة. فالثقة الحقيقية، في النهاية، لا تلغي الحاجة إلى وثيقة رسمية… وثيقة تثبت الحقوق وتحميها وتضمنها في أوقات الأزمات.

 
 
 

المنشورات الأخيرة

إظهار الكل

تعليقات


الكويت، مدينة الكويت – القبلة، شارع أحمد الجابر، برج الزمردة، الطابق 17

22281001

  • LinkedIn
  • Instagram

©2021 بواسطة مكتب الملا

bottom of page